الجمعة، 3 ديسمبر 2010

عندما يتحول النفط إلى نقمة !



هناك الكثير من المتحمسين الذين يتحدثون عن حكمه الله فى وضع النفط فى بلاد العرب وعن هذه النعمه الكبيرة التى أنعم الله بها علينا كمكافئه لنا على الاسلام!

لكن الواقع أثبت أن هناك جوانب اخرى سلبيه للغايه فى هذه النعمه .. ربما اقتربت العبقريه العربيه من أن تحول هذه النعمة إلى نقمه، أحاول هنا توضيح بعض هذه الأبعاد السلبية لوجود النفط في بلاد العرب، علماً بأن النفط ليس التفسير الوحيد للأمثلة آتية الذكر، فالنماذج الاختزالية التي ترجع الأحداث لعامل واحد فقط تتساوي في سطحيتها سواء كان ذلك العامل هو النفط أو تجهيز العالم لعودة المسخ الدجال!، لكني أركز على النفط فقط لأنه موضع كلامنا هنا ...


1- عن الديموقراطيه فى الأنظمة النفطيه


فى أحد مؤتمرات صناعه النفط قال ديك تشينى نائب الرئيس الأمريكى: (المشكلة أن مسيحنا الطيب لم يراه مناسبا، وضع احتياطيات البترول والغاز حيث توجد الحكومات الديموقراطية!)
وبغض النظر عن وقاحه عبارته فهى ليست خاطئة تماما!

ارتبطت الديمقراطيه دائما بالضرائب .. فإذا كان الناس سيتنازلون عن جزء من دخولهم التى يطعمون بها عائلاتهم للنظام الحاكم فلا أقل من أن يكون لهم دور فى اختيار هذا النظام أو على الأقل مراقبه أوجه صرف أموالهم ..
بينما فى الدول النفطيه تختلف الصوره .. الدوله لا تطلب من المواطنين دفع الضرائب .. بل بالعكس تتحول اموال النفط إلى ثمن شراء سكوت المواطنين على النظام الحاكم ..لقد حكم الملك تشارلز الأول بريطانيا الحكم لمدة 11 عاما دون برلمان ورغم فقده لشعبيته إلا أنه لم يجرؤ أحد على الاعتراض .. ولكن فور وقوعه في أزمة مالية - بسبب مغامراته العسكرية - اضطر للسعى إلى اخذ موافقة البرلمان على فرض ضرائب، وفى المقابل شرع البرلمان فى فرض قيود على سلطات الملك، وانتهت الحرب الأهلية التي تلت ذلك عام 1649 بالملك تشارلز فاقداً لرأسه على حد المقصله!
بإمكاننا تخيل ماذا كان سيحدث لو تمكن الملك تشارلز من الحصول على الأموال من مصدر آخر غير الضرائب كالنفط .. كان سيستمر فى الحكم رغم كراهية شعبه وربما تأخر ظهور النظام البرلمانى البريطانى لقرون أخرى ..

فى القرن الثامن عشر كانت شعار (لا ضرائب بلا تمثيل) سببا لقيام الثورة الأمريكيه .. فقد رفض الأمريكيون الاستمرار فى دفع الضرائب لبريطانيا دون ان يكون لهم تمثيل فى البرلمان البريطانى، وانتهت الحرب باعتراف بريطانيا باستقلال أمريكا .. أما فى الدول النفطيه العربيه يتحول شعار (لا ضرائب بلا تمثيل) إلى (لن نفرض عليكم الضرائب ولن نمثلكم!)

فى الدول النفطيه الضرائب المنعدمه أو القليله جدا هى السبب الرئيسى فى عدم وجود حكومه قابله للمسائلة .. الأنظمه النفطية العربيه تغرق شعوبها بالكرم المبالغ فيه مقابل تجاهل هذه الشعوب لمسائل الحكم، مع ملاحظه ان هذه الشعوب تظل محدودة العدد للغايه مقارنه بضخامة الفوائض النقديه النفطيه .. طبعا هو أمر مثير للسخريه ان تمن الانظمة العربيه على شعوبها بالثروة النفطيه التى هى أصلا ملك الشعب لكن كالعادة لا يبدو أن هناك فاصلا حقيقيا بين أملاك الدولة العامة وأملاك الحاكم الشخصيه!

فى قطر مثلا يمتد كرم الدوله إلى دفع تكاليف الدراسة بالخارج للمواطنين وحتى إلى دفع تكلفه مكالماتهم المحليه .. وفى المقابل لا يبدى الشعب القطرى أى اهتمام يذكر بقضايا كالديموقراطيه أو وجود القوات الامريكية فى قواعد السيلية (أكبر مخزن سلاح امريكى) والعيديد (القياده المركزية) .. بل إن مبادرة أمير قطر لانشاء مجلس شورى منتخب جزئيا (ينتخب القطريون منه 30 عضوا ويعين الامير 15 ) لم تلق اهتماما حقيقيا من المواطنين المرفهين الذين لا يشغل بالهم هذه الامور!

وعلى الجانب الآخر وكما اشترت الانظمة النفطية سكوت مواطنيها فقد اشترت أيضا الدعم الغربى .. حدث هذا عن طريق الاستثمارات العربية فى الدول الغربية والودائع فى البنوك الغربية - الأمريكية بالذات - التى بلغت مئات المليارات .. وعلى المستوى السياسى الاعلى كانت الوسيلة الدائمة هى صفقات التسلح حيث تنفق الدول العربية النفطية مبالغ خيالية لشراء أسلحة لا يوجد لديها من يستخدمها أصلا فى ظل عدم وجود نظام التجنيد الاجبارى، وتبقى الأسلحة فى المخازن حتى تقدم ليتم تحديثها بشراء المزيد من السلاح!
ذكر الاستاذ محمد حسنين هيكل ان العالم العربى قد اشترى أسلحة بأكثر من 900 مليار دولار (حوالى تريليون دولار) منذ نهاية حرب أكتوبر! .. إنهم ينفقون كل هذه الأموال وهم لن يحاربوا أصلا فضلا عن أنه صار من المتعارف عليه منذ حرب الخليج الثانيه أن حماية دول الخليج هى مسئولية دوليه وأيضا دفعت الدول الخليجية القسم الاكبر من تكاليف عملية (تحرير الكويت) حيث دفعت 3 دول فقط هى السعودية والكويت والامارات 37 مليار دولار لامريكا نظير تحرك الجيش الأمريكى لحماية الخليج من التهديد العراقى !

منذ عام تقريبا تفجرت فى بريطانيا (فضيحة اليمامة) .. حيث كشفت وثائق بريطانيه عن رشاوى وعمولات بمئات الملايين دفعتها شركات السلاح البريطانية لأشخاص فى جهات حكومية بريطانيه وسعودية أثناء اتمام صفقة اليمامة للسلاح التى بلغت قيمتها 43 مليار جنيه استرلينى ..
وكانت قمة الأزمة عندما نشرت الغارديان البريطانية أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر وابنها مارك وعدد من اعضاء الأسرة المالكه السعودية من المتهمين المحتملين بالتورط فى الأمر .. قالت الصحيفة أن وثائق وزارة الدفاع البريطانية المنشورة كشفت عن أن سعر كل طائرة تورنيدو ضُخم بنسبة 32 % ليصبح 12.5 مليون جنيه استرلينى بدلا من 16.3 مليون !!

أما رد الفعل السعودى فكان صادماً .. فبدلا من الحديث عن مكافحة الفساد والتحقيق النزيه ولو ذرا للرماد فى العيون هددت السعودية صراحة بالغاء صفقة شراء طائرات يورو فايتر/تايفون البريطانية والتحول للطائرات الفرنسية رافال إن استمر التحقيق .. وانتهى الأمر بقرار رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير بوقف التحقيق لانه سيسبب خسائر كبيرة للاقتصاد البريطانى ويهدد بفقد آلاف البريطانيين لوظائفهم كما يشكل خطرا على الأمن القومى البريطانى (بعد تهديدات سعودية مبطنه بوقف التعاون فى الحرب على الارهاب مما قد يعرض بريطانيا لهجمات اخرى! ) .. بعدها فورا اتمت الحكومة السعودية صفقة شراء طائرات تايفون بـ 4.4 مليار ومن المتوقع ان تصل قيمة الصفقة الاجمالية خلال السنوات القادمة إلى 20 مليار وبهذا يصبح الجميع سعداء ! 

2- التدخل الخارجى .. من سينال القطعة الاكبر من الكعكة النفطية؟

وجود الاحتياطات النفطية الهائلة فى دول ضعيفه شكل إغراءا لا يقاوم للدول المتقدمة التى يعتبر النفط شريان حياتها حرفيا ..

ما الذى دفع اليابان وهى الدولة البعيدة للغاية عن كل شىء يخص قضايا الشرق الأوسط إلى دفع 10 مليار دولار من تكلفة (تحرير الكويت) وبعدها مشاركه القوات اليابانية للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية فى حرب العراق؟! إنه النفط!
أمريكا عند قيامها بغزو العراق لمحت إلى أن الدول التى لن تشارك فى تكلفة الغزو لن يكون من حق شركاتها المشاركة فى عقود إعادة الاعمار .. الحديث أساسا عن العقود النفطيه بالطبع .. ربما لهذا يمكننا ان نفهم لماذا شاركت دول تبدو بعيدة للغاية كاليابان وأستراليا وأسبانيا وبولندا وإيطاليا ..

الأمريكيون قالوا صراحة عدة مرات وعلى لسان اكثر من مسئول أنهم (باقون لأمد طويل فى العراق والخليج) .. والسبب المعلن بصراحة شديدة هو ضمان امن الخليج وعدم قيام حرب اهلية فى العراق قد تهدد امدادات النفط ..
لم يكن غريبا أن يلمح تقرير (بيكر - هاملتون) إلى خصخصة نفط العراق ووضعه تحت الوصاية الأمريكية إذا علمنا أن بيكر نفسه إضافة إلى العضو الآخر إيغلبرغر قد تحمسا بشده لضرب العراق فى المرة الاولى أيام رونالد ريجان - الأول وزيرا للمالية والثانى نائبا لوزير الخارجية - لأنه ((دخل إلى الكويت مهددا مصادر الطاقة والإمداد)) .. هذا هو الأمر دون ثرثرة بلا معنى عن تحرير الكويت او دكتاتورية صدام أو نشر الديموقراطية و كل هذه التفاهات ..

حتى كل الكلام عن (محاربة الارهاب) لا يبدو أنه يشكل أى اهتمام امريكى حقيقى والدليل الأبرز على هذا هو ان أفغانستان التى - تبعا للرواية الامريكية - هى مصدر الارهاب فى العالم ومنها جاء منفذو اعتداءات سبتمبر لا يوجد بها سوى 11 ألف جندى امريكى موجودون فى قواعدهم لحماية المدن الرئيسية فقط ككابول وقندهار مقابل 246 ألف جندى منتشرون فى العراق .. لماذا هذا الفرق الهائل؟ ببساطة لان النفط موجود فى العراق وليس فى أفغانستان ...

لكن الامر أصبح الآن أعقد من حبكة (أمريكا الشريرة تغزو منابع النفط) .. فبعد عقود من السيطرة الأمريكية التامة ظهر العملاقات الروسى والصينى يطالبان بنصيبهما المستحق من الكعكة .. وهكذا بدآ الصراع الخفى بين العمالقة الثلاثة ..

السودان منح حق التنقيب عن النفط للشركات الصينية، ولهذا تعادى امريكا بشده النظام السودانى ولا تكف عن اتهامه كل يوم بالدكتاتورية أو دعم الارهاب أو التطهير العرقى فى دارفور حتى وصل الأمر أخيرا إلى إصدار مذكره اعتقال دولية بحق الرئيس السودانى .. ربما لو فتح السودان الباب للشركات الامريكية لتحول غدا إلى نظام ديموقراطى لطيف يحارب الارهاب وليس له علاقة بالتطهير العرقى!

لهذا تعادى امريكا الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز والرئيس البوليفى ايفو موراليس ..

لهذا دعمت امريكا (ثورات الالوان) فى جورجيا واوكرانيا وقرقيزيا وروسيا البيضاء من اجل الحد من النفوذ الروسى .. وردا على معاقبة روسيا لاوكرانيا بقطع الغاز (والسبب المعلن هو نزاع على الاسعار) فإن امريكا تسعى لمد خط انابيب من أذربيجان عبر قرقيزيا وجورجيا وصولا الى تركيا لتضعف الاعتماد الأوروبى على الغاز الروسى ..

وفى مقابل الهجوم الأمريكى المستمر على إيران تبدى الصين وروسيا اهتماما كبيرا بالتعاون النفطى معها وصل لدرجة الحديث عن ضم إيران لمنظمة شنغهاى للتعاون SCO التى تضم روسيا والصين وبعض دول آسيا الوسطى .. وإذا عرفنا أن روسيا تملك اكبر احتياطى فى العالم للغاز الطبيعى تليها إيران وتملك دول المنظمة احتياطيات كبيرة من النفط بالاضاف للسيطرة الايرانية على مضيق هرمز الذى تعبر منه ناقلات نفط الخليج فليس من الغريب أن يقول المنظر البارز فى تيار المحافظين الجدد روبرت كيغان (إن تنظيم القاعدة ليس التحدى الوحيد الذى يواجه الليبرالية اليوم .. وربما لا يكون التحدى الاعظم)

ومن المثير للسخرية كمية الشعارات والاتهامات المتبادلة كقناع لحقيقة الامر بين الأطراف المتنازعة .. أثناء زيارة ديك تشينى لدول آسيا الوسى منذ عام ونصف تقريبا هاجم روسيا بشده مشككا فى التزامها بالديمقراطية، لكنه بعدها بيوم واحد كان فى قرقستان متحدثا عن (التقدم الديموقراطى الذى تحقق !!) رغم انها دولة دكتاتورية بشهادة منظمات حقوق الانسان فى امريكا نفسها .. وبالمثل أذربيجان التى تم فيها توريث الحكم من الرئيس حيدر علييف لابنه الهامى دون أى معارضة امريكية ..

وبنفس الأسلوب رحبت كوندليزا رايس بحرارة برئيس غينيا الاستوائية عندما زار واشنطن ووصفته بانه (صديق حسن) ولم تعلق بأى شكل على انه فاز فى انتخابات 2002 بنسبه 97 % ! .. طبعا الرئيس اوبيانج قد تحول لصديق حسن لان بلاده أصبحت ثالث أكبر مصدر للنفط فى أفريقيا جنوب الصحراء .. وبالطبع لا احد اهتم بأن تحقيق مجلس الشيوخ كشف عن ان حساب زوجته فى احد البنوك وصل ل 13 مليون دولار فى بلد يعيش شعبه على أقل من دولار فى اليوم!

امريكا تهاجم الانظمة الدكتاتورية فى أوز باكستان وانغولا وزيمبابوى بينما الواقع انها تهاجم وجود الشركات النفطية الروسية والنفطية فى هذه الدول ..

وفى صورة اخرى للمنافسه المحمومه بينهم تجرى روسيا حاليا مفاوضات مع إسرائيل لامدادها بالغاز الروسى لتكسر الاحتكار الأمريكى للنفوذ على إسرائيل ..

لكن بينما يتنافس العمالقة فإن أسلوبهم فى التعامل مع الدول الصغرى لا يختلف كثيرا .. روسيا تنازلت عن ديون الجزائر البالغة 4.7 مليار دولار لكن المقابل هو استمرار تمتع الشركات الروسية بالحق الحصرى فى التنقيب عن النفط والغاز فى الجزائر بالاضافة إلى شراء الجزائر لأسلحة روسية قيمتها 7.5 مليار دولار !

3- عن عصر ما بعد النفط


لسبب ما يتميز العرب دونا عن باقى الدول النفطية باعتمادهم شبه التام على دخول النفط فقط دون محاولة استغلال ذلك للاستثمار فى مجالات أخرى .. لا زراعة ولا صناعة ولا بحث علمى ولا أى مصدر دخلى حقيقى آخر .. فقط النفط .. النفط هو المصدر الرئيسى لدخل كل الدول العربية سواء بشكل مباشر (كدول الخليج) أو بشكل غير مباشر (ملايين المصريين الذين يعملون فى الخليج ويحولون المليارات سنويا إلى مصر)

الاعتماد على النفط فقط يظهر نتيجة له أرقام مخجلة للغاية .. مثل ان دخل كل الدول العربية مجتمعه اقل من أسبانيا .. أو أن الصادرات العربية لعام 2000 كانت 70 مليار دولار وهو أقل من صادرات فنلدندا ذات الستة ملايين نسمه (تعتمد على تصدير الورق والهواتف المحمولة)

من المرعب تخيل ماذا سيحدث بعد نفاد النفط سواء النفاد الجيولوجى (انتهاؤه من الأرض) أو النفاد التقنى (وصول الدول المتقدمة لبدائل أرخص) .. أقصى ما وصل إليه الابداع الخليجى هو الاعتماد على صناديق الاستثمار الخارجية أو الاعتماد على الاستثمار فى مجالات السياحة والتسوق كما فى الامارات (دبى تحديدا) ورغم أنها مصادر دخل لا بأس بها إلى أنها لا تبرر التجاهل التام لاقامة أسباب التقدم الحقيقية من زراعة وصناعة وبحث علمى ..

ربما كان للاعتماد النفطى أثر آخر على المواطنين انفسهم حيث تقل عندهم قيمة العمل مقابل قيمة الوراثة والكسب السريع بدون تعب ..


4- الخلافات الداخلية

النفط + انظمة دكتاتورية + تدخل خارجى من اطراف محتلفة = نزاعات داخلية وانقلابات وحروب اهلية .. هذه هى المعادلة الدائمة فى كل مكان ..

من المثير للاهتمام تخيل فكره ان قوة فرنسية من 1500 جندى هى التى حمت الرئيس التشادى إدريس ديبى من أن يُطاح به فى الانقلاب الذى تم بدعم سودانى وصينى غير مباشر ..

لأن نفط السودان تسيطر عليه الشركات الصينية دعمت أمريكا لسنوات بالمال والسلاح التمرد الجنوبى .. بعد الحرب بدا واضحا ان حكومة جنوب السودان تتحيز بشده إلى اعطاء الشركات الامركية حق التنقيب عن النفط فى الجنوب ..
ولهذا أيضا يثير الأمريكيون مشكله دارفور ..
حتى بعد توقيع اتفاق السلام وبعد نهاية الحرب الاهلية عاد القتال مرة أخرى إلى مدينة إيبى .. هناك تفسيرات وروايات كثيرة لكن الحقيقة المؤكده ان إيبى غنية للغاية بالنفط ..

فى العراق الصراع الدموى الذى أخذ يأخذ الشكل الطائفى حينا والعِرقى حينا هو إلى حد كبير صراع نفطى فى حقيقته .. المشاكل المثارة دائما حول هوية كركوك وكل المحاولات لتطهيرها من الاكراد أو من العرب ليست لأن كركوك أصبحت فجأة اجمل مكان فى العالم .. بل لانها مدينة غنيه للغاية بالنفط! .. وفى الجنوب النفطى ايضا يدور الصراع السنى الشيعى والصراع الاهم الشيعى الشيعى بين تيار الصدر وتيار الحكيم .. هناك أسباب متعددة طبعا لكن من اهمها الصراع على السيطره على مناطق النفط سواء من اجل العوائد الرسمية أو من أجل عوائد تجارة التهريب الهائلة ..



كى لا تتحول النعمة إلى نقمة

الحل هو استخلاص النفط من أيدى الحكام .. يجب ان يكون مفهوما للجميع ان الثروة النفطية هى ثروة كل الشعب وليست الثروة الشخصية التى ورثها الحاكم .. يمكن أن يتم ذلك عن طريق الخصخصة لكن نتائجه غير مضمونة .. الطريقة الأفضل هى وضع البترول مباشرة فى أيدى الشعب إما باعطاء كل مواطن سهم فى شركة بترول وطنية أو بوضع البترول تحت سيطرة هيئة مستقلة تحت الرقابة الشعبية (كما يحدث حاليا فى آلاسكا)

أثر ذلك هو أن المواطنين سيحصلون على دخول عالية للغاية بينما ستُترك حكوماتهم بدون دخل تقريبا مما سيدفعها لطلب الضرائب .. المواطنين بفضل عوائد حصصهم من البترول سيكونوا قادرين على دفع الضرائب لكنهم فى المقابل سيطالبون بدور لهم فى طريقة انفاق هذه النقود وهو ما سيؤدى إلى نظام ديموقراطى .. النظام الديموقراطى هو فقط من بامكانه رفض التدخلات الخارجية والحفاظ على استقرار الأوضاع الداخلى والاهتمام بتوفير مصادر دخل انتاجية غير النفط ..

المشكله بالطبع هى أن الانظمة النفطية لن تسلم ما اعتبرته أملاكا شخصية لأفرادها بدون كفاح من الشعب، هذا الشعب الغير مهتم بهذه القضيه أصلا في ظل توافر المستوى المعيشي المرفه له، وفي ظل قوة وسطوة الانظمة الحاكمة بما تملكه من امكانات مادية وأمنية هائلة، لندخل في حلقة (البيضة أولاً أم الدجاجة) المغلقة التي لا يبدو لها أي انفراج قريباً للأسف، ولا حول ولا قوة إلا بالله!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق