السبت، 6 أغسطس 2011

عن عبدالرحمن لا حنظلة !


أنا المواطن الحلو
من مخيم عين الحلوة
أختصر نجاتي وألخص حلاوتكم
في الاسم الحلو الاخير
الذي يليق بكوكبكم :
حنظلة!

سميح القاسم






===






هل سأل أحدنا نفسه إن كان قلبه موجوداً على الجانب الأيسر أم الأيمن؟
لم يحدث هذا لأنه معلوم بديهياً، وكذا كانت علاقتي بعبدالرحمن .. وعيت على الدنيا لأجدني رفيقه وأجده رفيقي، لا أعرف متى ولا كيف، هو كالحقيقة العلمية أو المعلوم بالضرورة، كوجود قلبي على اليسار وشروق الشمس من الشرق.أبوه صديق أبي، وأمه صديقة أمي، اخوتي اخوته واخوته اخوتي .. بامكانه أن يأتي في أي وقت إلى منزلنا لنضع له الغداء أو العشاء بلا حرج، وبإمكان أبوه أن يوقف سيارته لو شاهد أمي في الشارع ليوصلها إلى منزلنا بلا تكلف.

منذ حوالي عامين فقط اكتشفت ان هناك صدفة / قدراً آخر يجمعنا .. كلانا كان له توأم مات أثناء ولادته وتم إنقاذ حياته! .. وكأن الله قد عوض كلانا عن توأمه المفقود بتوآم آخر ...



====







تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أن سيفان سيفك
صوتان صوتك
أنك إن مت للبيت رب
وللطفل أب


عندما كنت أفكر في الاهداء المناسب له على رواية (فرج) لرضوى عاشور وجدتي تلقائياً أكتب له هذه الأبيات.









===








هناك عبارتان لا أقولهما عنه كالناس ..
يقولون: عبدالرحمن أخي، لكني أقول: عبدالرحمن أنا .. عبدالرحمن أنا
ويقولون: يا حنظله .. وأنا لا أقول إلا يا عبدالرحمن
عرفته من قبل أن يصبح حنظلة .. حنظلة الممرور والمرير!

حنظلة الممرور الذي تغص حلقه خيبات الأمل، والصدمات في الناس الذين لم يكونوا أناساً، فيقف عاقداً يداه خلفه مولياً ظهره لنا يراقب بحزن واندهاش ما يحدث .. هناك صورة له أثناء الثورة وسط الغاز المسيل للدموع أمام قوات الأمن، وكل من حوله يجري ويكتم أنفاسه بينما هو فقط يظهر وكأنه يمشي بشكل عادي جداً يتطلع بدهشة لما يحدث حوله .. هذا هو حنظلة ..

تدريجياً يظهر الحزن في عينيه وفي نبرة صوته، يرتسم على وجهه تعبير ذلك الذي اقترب فرأى، وما أكثر ما رآه في حياته قبل الأوان - يذهب منذ طفولته مع والده إلى أفقر المناطق لتوزيع المساعدات، يحمل شهيداً على كتفه في الثورة، يزور مخيمات اللاجئن السوريين في تركيا ...الخ - وهو الرقيق جداً المرهف جداً، الذي يخبيء ذلك تحت قشرة من الجدية البالغة في العمل، والتهييس البالغ مع الأصدقاء .. هل هو المعنيّ بقول أمل دنقل "دائماً الخوف من أن يكتشف الآخرون كم أنت رقيق، فيدوسونك بسنابكهم"؟

وحنظلة المرير، ومرارته ذات وجهين ..
مرارة يتعمدها - أو ربما لا يتعمدها بل هي أصيلة فيه إلى حد تلقائي - على كل من يقصر أو يخطيء خاصة لو كان الخطأ أخلاقياً  .. أتذكر عشرات الأمثلة .. أصدقائي في (سايف) أسيوط الذين اشتكوا لي منه مر الشكوى لإنه "واخدها جد أوي!" .. ذلك المسئول الإخواني الكبير جداً الذي قاطعه تماماً رغم صداقته لوالده بعدما قصر في امر ما أظهر ازدواج معاييره الأخلاقية .. تركه لمركز الأبحاث الذي تصادم مع مبادئه رغم حاجته الماسة للنقود .. المرة التي كنا فيها في ساقية الصاوي وألقى أحد الشباب الجالسين أمامنا ورقة على الأرض فقام عبدالرحمن وألقاها في القمامة ولام الشاب بلطف حازم!

ومرارة أخرى لا يتعمدها قد يشعر بها معارفه، مرارة تأنيب الضمير، مرارة كونه الشخص الذي تعجز عن أن تكونه! .. يترك فرصة الدراسة في كليتي الهندسة أو حاسبات لأنه يحب دراسة العلوم السياسية رغم الغموض التام لمستقبله حينها، يعجز عن المشاركة في موقعة الجمل بإلقاء الاحجار على المهاجمين لأنهم في النهاية بشر فيكتفي بالمشاركة في اسعاف الجرحى بالتبرع بدمه عدة مرات حتى فقد وعيه، يقابل أهم وأشهر الشخصيات السياسية والثقافية في مصر وخارجها فلا يبالي بأخذ صور معهم أو حتى الحديث عنهم، بينما يتسمر واقفاً ليصور بكل اهتمام مشهداً في قريته رأي جماله لفلاح يحدث زوجته وهما متكئان على ظهر حمار .
حتى مظهره في حد ذاته يوحي بالنموذج المثالي لـ(ابن الناس الكويسين) بملابسه الكلاسيك ونظارته التقليدية وشعره المسرح على الجنب!


  كيف يكون هناك من هو مثالي ومبادئي إلى هذا الحد؟ هل أنا المخطئ أم هو المصيب أكثر من اللازم إلى حد الخطأ؟!








===








كم هو شرير وقاس
هذا الولد حنظلة
إنه يقول الحقيقة ..!
هذا الملحد يجرأ على قول الحقيقة
في دويلات الزيف ومشيخات الزور
شرير وقاس أنت يا حنظلة
لأنك جميل في زمن القبح
صادق في زمن الكذب
كم هو شرير وقاس   
جرئ في عصر الجبناء
أمين في عصر الخونة








===







كان الشعراء العرب كثيراً ما يخاطبون في قصائدهم رفيقيّ السفر المقربين منهم من قبيل (قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ) .. عبدالرحمن هو رفيق سفري في هذه الحياة .. نبتعد ولا نبتعد، نغيب ولا نغيب، هو المنتهى وهنا المصب .. قد ننقطع عن بعضنا لفترة طويلة نسبيا، تحول بيننا امواج الحياة، ثم نتكلم او نتقابل فكأننا نكمل حديثاً قطعناه منذ خمس دقائق، كأن شيئاً لم يكن.

حتى عندما أغضب منه - وهذا لم يحدث إلا مرات نادرة جداً - لا يمكنني الاستمرار في ذلك .. منذ أسبوع تقريباً غضبت منه لسبب ما، كلمته على الموبايل وانا أرتب في ذهني ما سأقوله له "أنا مستاء منك جداً عشان كذا كذا" ثم بمجرد سماعي صوته انتهى كل شيء، عبوسي انقلب ابتسامة وعاتبته بلين شديد وانا أضحك.





===





أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:
أُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً.. رويداً
يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!

أمل دنقل






===







أنا لا أحكي كثيراً .. وإذا حكيت فدائماً أضع محاذير وحسابات، ما يقال لفلان ولا يمكن ان يقال لفلان، ما لا يمكن أن يعلمه عني فلان .. بعض الناس لو عرف عني بعض الأمور سأشعر بالانتهاك، بالعري!
قد أحكي لبعض أصدقائي المقربين ثم أشعر أحياناً بالندم أو الانزعاج، قد يكون من أحكي له غير مهتم بما يكفي، أو مهتم بقدر أكبر من اللازم، يفشي سراً، يسأل كثيراً، يلومني، يعظني من منظور فوقي، يضحك حيث لا يجب الضحك ....الخ .. دائماً للرضا ما يشوب الرضا .لكن مع عبدالرحمن أحكي بلا حسابات ولا مضايقات، أشعر بالأمان في الحكي، يسمعني باهتمام وتفهم، لا يلوم ولا ينصح ولا يسأل كثيراً، يرتسم على وجهه الحزن في اللحظة المناسبة بالضبط، ويضحك في اللحظة المناسبة بالضبط، وقد نمارس فضيلة الصمت البليغ لبرهة ونحن نتأمل ما أمامنا (غالبا النيل)، وهو صندوق مغلق لن يخرج حرفاً استأمنته عليه أبداً .. لم أشعر بشعور الحكي الآمن في حياتي كلها كما شعرته معه إلا مع الفتاة التي كنت أحبها في زمن انقضى، وهو أمر لو تعلمون عظيم عظيم!








===







عائدون؛
وأصغر إخوتهم
(ذو العيون الحزينة)
يتقلب في الجب ..
أجمل إخوتهم.. لا يعود!

أمل دنقل








===








عندما أفكر: ماذا كان سيصبح شكل حياتي لو لم يكن فيها عبدالرحمن أجدني عاجزاً عن الاجابة ..
لقد صنع كثيراً من حياتي الحالية .. قرأت لبهاء طاهر للمرة الأولى وأنا في منزله من روايته (الحب في المنفى)، سمعت اميمة خليل للمرة الاولى على موبايله .. هو من أخذني لاقتصاد وعلوم سياسية، وعبره عرفت د.هبة ود.سيف وكل الرفاق .. اسم عبدالرحمن كان بوابة دخول لأمور كثيرة خاصة انه ممن وضع لهم القبول في الأرض - بدءاً من احتفاء الميكانيكية حول منزله بنا ومناداتهم "تعالى اشرب شاي يا أستاذ عبدالرحمن" نهاية باحتفاء أحمد داوود أوغلو - فكوني صديقاً لعبدالرحمن يعني اني غالباً شخص جدير بالاحترام من محدثي، أذكر تحديداً تهلل وجه د.محمد صوفار عندما قابلته في مؤتمر مركز دراسات عزمي بشارة في قطر بمجرد نطقي لاسم عبدالرحمن، بعدما ذكرته بنفسي فلم يتذكرني فذكرته بأني عندما قابلته كان معنا عبدالرحمن.








===







سأحلم ، لا لأصْلِح مركباتِ الريحِ
أو عطبا أصاب الروح
فالأسطورة اتٌخذتْ مكانتها / المكيدة
في سياق الواقعيٌ
وليس في وسْعِ القصيدة
أن تغيٌر ماضيا يمضي ولا يمضي
ولا أنْ توقِف الزلزال
لكني سأحلم ،
ربٌما اتسعتْ بلاد لي ، كما أنا
واحدا من أهل هذا البحر ،
كفٌ عن السؤال الصعب : " منْ أنا هاهنا؟
"أأنا ابن أمي ؟
لا تساوِرني الشكوك ولا يحاصرني
الرعاة أو الملوك . وحاضري كغدي معي .
ومعي مفكٌرتي الصغيرة:
كلٌما حكٌ السحابة طائرٌ،
دوٌنت:
فكٌ الحلْم أجنحتي . أنا أيضا أطير
فكل حي ... طائر

محمود درويش







===






في ذكرى هبوطه إلى كوكب الأرض نازلاً من البنفسج ليسير بين التفاصيل أريد أن أقول له: شكراً يا عبدالرحمن لأنك أنت من أنت، أنت أنت لا شيء آخر .. أعرف أنه مهما كنت ((هناك)) فستظل دائماً بالنسبة لي ((هنا))، واضحاً كما الحقيقة، كالشمس تشرق من الشرق لتنير وجهك، أو قلبي على جانب صدري الأيسر يخفق لسماع صوتك بعد غياب


:)





















 










هناك 8 تعليقات:

  1. تدوينة مثيرة للمشاعر.
    بارك الله في صداقتكما و جمعكما في الجنة يوم القيامة.

    ردحذف

  2. أدام الله الخير بينكما
    nice post

    ردحذف
  3. ثقافة الهزيمة .. مغامرات البقرة الضاحكة

    ما قصة لوسي أرتين؟
    ـ لوسي أرتين كانت علي علاقة بالرئيس مبارك والعلاقة بدأت عن طريق زكريا عزمي وجمال عبدالعزيز، و كان فيه رجل أعمال مشهور بيحب يعرف مبارك علي فتيات من دول شرق أوروبا وحسين سالم كان متولي دول غرب أوروبا.

    هل قصر الرئاسة كان يدار بهذه الطريقة؟
    - القصر كان يدار بالسفالة والأسافين والنقار والقمار والنسوان وقلة الأدب ودا كل اللي كان شغلهم ومصلحة البلد بعدين.

    هي سوزان كانت بتحس بالغلط اللي كان بيعمله الرئيس؟
    - هي كانت مقهورة من اللي بتشوفه والنسوان داخلة طالعة قدامها واللي جايين من أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية ومش قادرة تتكلم وبتبكي علي طول بسبب اللي بتشوفه وأحيانا كنت بأصبرها وأقولها مصر مافيهاش غير سيدة أولي واحدة، بس بعدها قرر الرئيس أن ينقل جلساته الخاصة في شرم الشيخ وبرج العرب.

    ھل تزوج علیھا؟
    -لا ھو مش محتاج یتجوز .. البركة في زكریا عزمي وجمال عبدالعزیز...

    …باقى المقال ضمن مجموعة مقالات الهزيمة ( بقلم غريب المنسى ) بالرابط التالى

    www.ouregypt.us

    ردحذف
  4. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
    يارب ارحم مصر


    http://www.tjaraldoha.com/vb

    ردحذف
  5. كان لدي صاحبة جميلة انقطعت اخبارها فى ظروف غامضة بعد ان باعدت بيننا المسافات ارجو ان تكون بخير و ان يجمعنا الله على خير

    ردحذف