" m3lsh ana asfa gedan msh h2dar agy elnaharda cilantro zay ma kona mtf2een"
قرأ الرسالة ثم أعاد هاتفه المحمول نوكيا N96 إلى جيب بنطاله الـ (سبرنج فيلد) وهو يتمتم بسباب خافت عن بنت الـ (.....) التي (كرفته) بهذه البساطة!
غادر المكان متوجها إلى (سبينز) . دخله وسط العديد من السيدات اللاتي يقدن أمامهن عربات التسوق بيد، وباليد الأخرى يمسكن كراسات العروض . كاد ان يتلكأ كعادته عند قسم الكاميرات واجهزة الكمبيوتر ليختلس النظر للفتيات الجميلات اللاتي يتولين البيع، لكنه لم يفعل للشعور الذي يتملكه مؤخرا بأنهن كلهن متشابهات إلى حد الملل . عبر صفوفاً طويلة من الرفوف المزدحمة بآلاف الأشياء المعروضة للبيع، بينما تتسلل إلى أذنيه الموسيقى الهادئة المنومة التي تبثها الإذاعة الداخلية ويتخللها ذلك الصوت الأنثوي البارد "اشتري علبتين (كورن فليكس) وخد عليهم علبة لبن هدية" "اشتري أربعة كيلو صدور دجاج مخلية بسعر تلاتة كيلو"
.وصل إلى قسم المشروبات الغازية حيث وجد نفسه محاصرا بعدد لا نهائي من العلب المعدنية المتماثلة . اختار (كانز بيبسي ماكس) الذي يؤكد الإعلان أنه أحلى ومن غير سكر.
لاح على شفتيه شبح ابتسامة عندما تذكر بواب عمارته عم عبده الذي سأله عندما نجح ابنه عن وجود شربات ورد في المكان الذي يحضر منه (الكانز)، فأخبره لا يعرف ما هو طعم ذلك الـ (شربات ورد) لكنه متأكد أن (الكانز) أفضل بكثير.
وقف في الصف الطويل أمام (الكاشير) . دفع الحساب للفتاة ذات الحجاب الـ(سبانيش) والوجه الملطخ بالألوان - هل هذه الابتسامة المصطنعة التي ترسمها على وجهها كما رسمت حاجبيها من شروط العمل هنا؟ - لاحظ أن صوتها البارد وهي تقول "شرفت يا فندم" يماثل تماماً صوت فتاة الإذاعة الداخلية.
ذهب إلى الـ (فود كورت) المزدحم بالبشر والضوضاء واللافتات المضيئة كالعادة . بعد بعض الحيرة بين المطاعم قرر طلب (سوبر ستار برجر) من (هارديز) - لم يلتفت إلى (كنتاكي) بالطبع لأنه (بيئة) كما يقول أصدقاؤه - ومرة أخرى وقف في الصف حتى وصل إلى (الكاشير) حيث أخبره الموظف - بنفس أسلوب الود المصطنع الذي تحدثت به الفتاة في (سبينز) - أن عليه الانتظار لربع ساعة حتى يتسلم (الأوردر) . استغل الوقت بأن ذهب إلى (فيرجين) ليحضر ألبوم (بيونسيه) الجديد، لكنهم أخبروه أنه لم يصل وأن عليه العودة للسؤال في اليوم التالي.
استلم وجبته، ثم توجه إلى بوابة الخروج حيث وقعت عيناه على المشهد المعتاد لموظفي وموظفات الأمن بملابسهم الرسمية - هل يتوهم أن وجوههم وأسلوب حديثهم نسخ من موظفي وموظفات (الكاشير)؟ - وهم يقفون بجوار البوابة الألكترونية مفتشين الداخلين ومتجاهلين الخارجين . ثمة شاب يفرغ ما تحويه جيوبه على المنضدة - هاتف محمول، سلسلة مفاتيح، جنيه معدني - وبالقرب منه فتاة تمر الموظفة على جسدها بجهاز كشف المعادن.
خرج إلى الشارع الذي لا يعرف ما اسمه . هذا الشارع لا يحتاج إلى اسم أصلا، يكفي أن تخبر أي شخص أنه خلف (ستي ستارز) . وما الفارق الذي تحدثه الأسماء؟ لا هو ولا أي من أصدقاءه يعرف أي شيء عن أحمد فخري الذي أطلقوا اسمه على الشارع الضخم القريب.
ركب سيارته الـ (هيونداي فيرنا) التي كان قد ركنها أمام مسجد (القوات المسلحة) ذو الدرجات والحوائط الرخامية الباردة - لماذا كان والده يرفض الصلاة في أي مسجد مليء بالرخام إلى هذا الحد؟ - والقباب الزرقاء العجيبة التي تذكره كل مرة بقصر علاء الدين في ألف ليلة وليلة!
قاد السيارة ببطء بين مئات السيارات المحاصرة له . وقعت عيناه على (شيفروليه أوبترا) فتذكر شجاره الأخير مع والده الذي رفض أن يحضرها له بسبب قناعته الغريبة أنه لا يحتاجها، ثم تحول عبوس وجهه إلى ابتسامة عندما تذكر إعلانها المميز "انت بتحلم يا حلمي"
حانت منه التفاتة نحو (هوليداي إن) فشاهد ما جعل فكرة عجيبة تتسلط على رأسه دون أن يعرف السبب . كاد أن يمضي في طريقه متجاهلاً الأمر، لكنه تذكر ما سمعه من عم عبده وهو ينصح ابنه " لو لقيت نفسك غريب في بلد ... ملَّط واجري!" . في قاهرة اليوم يكفي أن تبعد عن منزلك عدة كيلو مترات لتجد نفسك غريباً تماماً، فضلاً عن أن ما سيفعله سيكون بالتأكيد أهون كثيراً من (التمليط)!
يركن سيارته على جانب الطريق، وينزل منها متجهاً إلى مساحة صغيرة من العشب أمام الفندق . يخلع الـ(كوتشي) الـ(أديداس) والجورب الـ(نايك)، ثم يمشي على العشب ببطء مغمضاً عينيه . يحاول عبثاً أن يتذكر متى كانت آخر مرة مشى فيها حافياً منذ زمن بعيد . في لحظة ما يشعر بأنه لا يسمع صوت ضجيج السيارات القريبة كأن حواسه الخمس تتركز الآن في جلد قدميه، إنه يرى خضرة العشب ويشم رائحته ويتذوق طعمه ويسمع صوته الهامس ويشعر بملمسه الرطب البارد . هذا النوع من البرودة مختلف تماماً عن برودتي رخام المسجد والصوت الأنثوي في) سبينز) . يبطيء في مشيه أكثر حتى تكاد خطواته تتحول إلى زحف، كأنه يريد أن يشعر بالملمس المختلف لكل عشبة على حدة.
فجأة يشعر بملمس الرصيف الصلب على أطراف أصابع قدمه، فيفتح عينيه . يرتدي ما خلعه، ثم يعود إلى سيارته ليكمل طريقه، وهو يفكر في أنه ربما يجرب تذوق شربات الورد يوما ما.
Truly lovely imagery and writing style. Keep up the nice work!
ردحذف